بعد انتشار جرائم ذبحها.. «الحمير» تحت سكين معدومي الضمير

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

خبراء التغذية: تناول لحومها يصيب الإنسان بأمراض خطيرة ..وعلماء الدين: تناولها حرام شرعًا

«البيطريين» الحصن لحماية صحة المواطنين.. ومطلوب تعديل تشريعى لتغليظ عقوبة غش الأغذية

محرم الجهينى

خلال الأيام القليلة الماضية عثر أهالي قريتي بابل وكفر العرب بمركز تلا بالمنوفية على عدد من الهياكل العظمية لحمير مذبوحة ملقاة فى مصرف زراعى وخرج  أحد المسؤولين يصرح بأنه لا ضرر على صحة الإنسان من تناول لحوم الحمير، وكأنه يعطي تصريحاً لمعدومى الضمير باستئناف أعمالهم غير الشرعية وغير القانونية فى ذبح الحمير وبيع لحومها للمطاعم لذا كان لا بد من استبيان الحقيقة من علماء وخبراء الشريعة والتغذية لمعرفة محرمات ومخاطر تناول لحوم الحمير على صحة المواطنين.

فى البداية يقول الدكتور نبيل يس أستاذ ورئيس مجلس قسم الرقابة الصحية على الأغذية بكلية الطب البيطري جامعة القاهرة، إن عمليات ذبح الحمير غالباً تتم بهدف تصدير جلودها للخارج حيث يتراوح سعر جلد الحمار الواحد ما بين 400 إلى 500 دولار، وتقوم الصين  باستيراد جلود الحمير بالرغم من أنها تمتلك حوالى 11 مليون حمار من 41 مليون حمار موزعة على مستوي العالم، ولكنها تعتبر ما تملكه من حمير ثروة قومية لا يمكن الاستغناء عنها كما أن حدائق الحيوان التى تقوم بذبح حمير لإطعام الحيوانات المفترسة يتم ترقيم هذه الجلود لمعرفة مصدرها.

وأوضح: "كما أن هناك فروقاً  كثيرة يجب معرفتها للتمييز بين لحوم الحمير والفصيلة الخيلية وبين لحوم الأبقار والجاموس والجمال بسهولة منها أن ذبائح لحوم الأبقار عليها الأختام الواضحة المقروءة الخاصة بالمجازر المرخصة، بينما ذبائح لحوم الخيل (الحمير) لا يجوز ذبحها بالمجازر المرخصة تنفيذا للمادة (124) و(136) من القانون 53 لسنة 1966 والمادة (3) للقرار الوزاري 517 لسنة 1986 حيث لا يجوز أن يذبح لغرض الآستهلاك الآدمى العام سوى الأبقار والجاموس والماعز والأغنام والجمال والخنازير والدواجن".

واستطرد: "ذبائح لحوم الخيول تتميز بطولها الملحوظ من النمو العضلي الشديد وخاصة الأرباع الأمامية والتجويف الصدري لذبائح الحمير والخيول أطول من ذبائح الأبقار حيث يحتوي التجويف الصدري على 18 زوجا من الضلوع أما في الذبائح البقرية بها 13 زوجا فقط كما أن الضلوع في ذبائح الخيول أكثر تقوسا لإعطاء التجويف الصدري الاتساع المميز، ويتميز لون لحوم الحمير بلونه الأحمر الداكن المائل للزرقة (بني غامق) وألياف لحوم الحمير واضحة وبارزة، ولون الدهون بلحوم الحمير (الخيول) أصفر ذهبي ذي قوام زيتي يميل لونه إلى النحاسي ولا يتجمد أبدا، بينما الدهون بلحوم الأبقار ذات لون أبيض مصفر ذات قوام متماسك والدهون حول الكليتين بالذبائح البقرية بيضاء اللون وصلبة وبكميات أكثر من ذبائح لحوم الفصيلة الخيلية لحوم من خلال الخطوات السابقة يمكن التمييز بسهولة بين لحوم الأبقار ولحوم الفصيلة الخيلية".

وتابع: "لكن يمكن الغش والتدليس بلحوم الحمير في مصنعات اللحوم واللحوم المفرومة وبالتالى يتم اللجوء إلى الفحص في المعمل باختبار الاليزي وتفاعل البلمرة المتسلسل وعندَ تناول الإنسان لهذا اللحم يُصيبهُ التسمم الغذائيّ والكيميائيّ والذّي تتمثّل أعراضهُ بالإسهال والقيء الذّي يؤدّي بالنهاية للإصابة بالجفاف وكما أن لحوم الحمير محرمة إسلاميا وذلك عن حديث البخارى عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر مناديا فنادى: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية فإنها رجس".

اقرأ أيضا| المحرومون من اللقاح.. في انتظار الأمل

كما قال الدكتور عادل الركيب أستاذ الجهاز الهضمى بجامعة الأزهر إن نتائج تناول اللحوم الفاسدة تكمن فى تراكم بكتيريا تسمى «كلوستريديوم بوتلاينم»، وتنمو تلك البكتيريا على اللحوم الفاسدة, ولا تقتل حتى مع التعرض لدرجات حرارة عالية وتعد سموم البوتولاينم واحدة من أشد انواع السموم والتي تودي بحياة الإنسان على المدى الطويل.

وأوضح أنها تدمر الأعصاب وتقضي على نمو الخلايا كونها تنمو داخل الجسم، ويظهر أثرها على الجسم بعد تناول الطعام بـ 4 ساعات من خلال ارتفاع درجة الحرارة والقيء والإسهال ولكن الخطر الأكبر هو على المدى الطويل تؤثر سلبا وبشكل مباشر على دفاعات جسم الإنسان وإضعافها لذا لابد أن يتم شراء لحوم من مصادر معلومة والابتعاد عن اللحوم غير معلومة المصدر نهائيا.

كما قال الدكتور حسين منصور رئيس الهيئة القومية لسلامة الغذاء إن الأساس فى الغذاء أنه محرم أو مشروع لذا لا بد أن نسأل هل لحوم الحمير مباح أكلها أم لا، فنقول بالنسبة للمسلمين فإن أكلها محرم شرعاً، ولا بد أن نتأكد من أن حكمة المولى عز وجل فى تحريم تناول لحوم الحمير ما هو إلا لحماية الإنسان من المخاطر الصحية التي قد تسببها لذا نعمل على تشديد الحملات الرقابية على المطاعم لحماية صحة المواطنين.

وقال عادل خليفة المحامى بالاستئناف إنه لا بد من تعديل القانون الذى ينظم عمليات الذبح فالمادة 136 من قانون الزراعة الصادر بالقانون رقم 53 لسنة 1966 المعدل بالقانون رقم 207 لسنة 1980 تنص على أنه «لا يجوز في المدن والقرى التي يوجد بها أماكن مخصصة رسمياً للذبح أو مجازر ذبح أو سلخ الحيوانات المخصصة لحومها للاستهلاك العام خارج تلك الأماكن أو المجازر المعدة لذلك وتحدد هذه الأماكن بقرار من وزير الزراعة كما نص القانون رقم 207 لسنة 1980 بتعديل بعض أحكام قانون الزراعة وتشديد عقوبة ذبح إناث الماشية في الفقرة الثانية من المادة 143 مكرراً منه على أن يعاقب على كل مخالفة أخرى لأحكام المادة 109 وأحكام المادة 136 والقرارات الصادرة تنفيذاً لهما بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر ولا تزيد على سنة وبغرامة لا تقل عن 200 جنيه ولا تزيد على 500  جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين.

واستطرد: "للقضاء على هذه الجريمة لا بد من تغليظ عقوبات الذبح خارج المجازر بجانب تغليظ عقوبة ذبح الحمير أو الكلاب لأنها محرمة شرعاً وقانوناً لأن العقوبات المعمول بها حالياً غير كافية وغير رادعة فى ظل المشروعات التنموية التى تفتتحها الدولة ولابد أن يتعاون المواطنين بإبلاغ الجهات المسؤولة والمختصة لضبط من يرتكب هذه الجريمة".

فيما قال الشيخ محمد محمود خاطر مدير عام الدعوة بمديرية أوقاف الجيزة إن الله عز وجل أمر عباده بأكل الطيّب من الطعام، ونهاهم عن أكل الخبائث منه؛ إذ إنّ أثر الطعام ينعكس على الأخلاق والسلوكيّات؛ فالطيب من الطعام يعكس آثاراً طيّبةً، والخبيث منها يعكس آثاراً خبيثةً، حيث قال الله تعالى: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)،(الاعراف) والطعام يشمل ما يُؤكل وما يشرب على حدٍّ سواءٍ، كما جعل الله تعالى الأطعمة مباحةً إلا ما ورد دليلٌ يدلّ على التحريم.

وتابع: "بالنسبة لحكم أكل لحم الحمار لا بد أن نفرق بين نوعه فإذا كان وحشياً أو أهلياً لانها الحمر محصورةٌ في الأهلي والوحشي فقط ولقد ورد لفظ التحريم في صحيح مسلم، في ما رواه عن الصحابي أبي ثعلبة الخشني، حيث قال عن الرسول صلّى الله عليه وسلّم: (حرَّم رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لحومَ الحُمُرِ الأهليةِ)، ونقل الإمام ابن قدامة تحريم أكل لحم الحمر الأهلية عن أكثر أهل العلم، والحديث الذي دلّ على تحريم الحمر الأهلية، أنّ فيه دلالتين؛ إحداهما: أنّ الحمار الوحشي يجوز أكل لحمه؛ إذ إنّ الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- نصّ على تحريم الحمار الأهلي، ولم يذكر أنّ الحمار الوحشي محرّمٌ؛ ممّا يدلّ على أنّ لحمه يؤكل،  وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر الأهلية، ‏فإنها رجس من عمل الشيطان» رواه البخاري ومسلم".

وأكمل: "قال رسول الله «اكفئوا القدور فلا تطعموا من لحوم الحمر شيئا»، البخاري، وهنا كان أمره بإكفاء القدور وإراقة ما فيها دليل على نجاسة الحمر الأهلية وحرمتها أكل لحم الحمير «حرام شرعا» لما نهى عنه رسولنا الكريم بدليل الأحاديث الواردة عن ذلك، ولا يجوز أكله بأي شكل أو طريقة أيا كانت فما نُهي عنه فهو محرّمٌ، وما لم يتمّ ذكر صفته فهو مباحٌ".

من جانبه، قال الدكتور على سعد الأمين العام المساعد  لنقابة أطباء بيطريي مصر السابق إن تصريح نقيب الأطباء البيطريين من عدم وجود ضرر من تناول لحوم الحمير يتنافى مع تعاليم ديننا الإسلامى، ومع القوانين المنظمة لذبح وقواعد الصحة العامة حيث أفاد بعدم وجود ضرر على صحة المواطنين وهذا غير صحيح فكل ما نهى عنه المولى عز وجل هو ضار حيث يتسبب تناول لحوم الحمير في أمراض خطيرة تهدد صحة الإنسان منها التسمم الغذائى لتلوث لحوم الحمير بالميكروبات التى تسبب الإسهال الشديد والجفاف الذى يؤدى إلى الوفاة كما انه يفتح الأبواب على مصراعيه للغش فى مصنعات اللحوم لدى التجار عديمى الضمير جرياً وراء المكاسب المادية.

وأضاف: "تعود ظاهرة غش اللحوم البلدية بلحوم الحمير نتيجة غياب دور التفتيش والرقابة على محلات بيع وتداول اللحوم المستمر لعدم وجود أعداد كافية من الأطباء البيطريين حيث تم وقف التعيينات منذ عام 1994 ولم يتم سد العجز فى الأطباء المحالين للتقاعد أو الوفاة بالتعيين لذا فإن أعداد أطباء التفتيش فى انخفاض مستمر مما يؤثر على أحكام الرقابة والتفتيش على أسواق اللحوم ومصنعاتها والتى كان من أثرها استخدام لحوم الحمير فى بعض المصنعات والتى يصعب كشفها بالكشف الظاهرى وتحتاج إلى أخد عينات من المصنعات لتحليلها بمعامل وزارة الصحة والزراعة لإثبات خلوها من لحوم الفصيلة الخيلية ويتطلب هذا تعيين الأطباء البيطريين لسد العجز ومواجهة غش التجار معدومى الضمير لحماية صحة المواطنين".

وشدد على أن مهنة الطب البيطري تعد من المهن المهمة فلو تم تعميم الرقابة البيطرية علي جميع محلات بيع اللحوم والمطاعم والفنادق لانخفض أعداد المرضى ولو فرضنا أنه تم ذبح عجل 300 كيلو مصاب بمرض السل مثل خارج المجازر المعتمدة وتناول لحومها 300 أسرة مكونة من 5 أفراد فيكون لدينا حوالي 1500 مريض بالسل وبتكلف علاج مريض السل حوالى 7500 جنيه للحالة الواحدة بإجمالي 11 مليوناً و250 ألف جنيه تتحملها الدولة لذا لا تبالغ عندما نقول إن الطبيب البيطرى حائط صد لحماية أرواح المصريين ضد الأمراض الخطيرة والمشتركة بين الحيوان والإنسان.

فيما قال الدكتور عبدالسلام عاطف مدرس الرقابة الصحية على اللحوم إن لحوم الحمير لها رائحة سيئة وكريهة (قريبة من رائحة الاسطبلات وخاصة عند تمرير سكين ساخنة باللحوم وعند طهى لحوم الحمير تظهر بقع زيتية كثيرة على السطح وتظهر بوضوح الرائحة السيئة ولحوم الفصيلة الخيلية أكثر سرعة في عملية الطهي عن لحوم الأبقار طعم لحوم الفصيلة الخيلية ذو مذاق حلو مسكر ذو ألياف عضلية خشنة واضحة وذلك لتجمع الجليكوجين بالعضلات كما أنها تحمل مسببات مرضية كثيرة تهدد صحة الإنسان.